الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج
لَكِنْ اسْتَشْكَلَ فِي الرَّوْضَةِ ضَبْطَهُ بِالْأَرْطَالِ بِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ قَدْرُهُ وَزْنًا بِاخْتِلَافِ الْحُبُوبِ ثُمَّ صَوَّبَ قَوْلَ الدَّارِمِيِّ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْكَيْلِ بِالصَّاعِ النَّبَوِيِّ دُونَ الْوَزْنِ قَالَ فَإِنْ فُقِدَ أَخْرَجَ قَدْرًا يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ وَعَلَى هَذَا فَالتَّقْدِيرُ بِالْوَزْنِ تَقْرِيبٌ. اهـ.(وَجِنْسُهُ) أَيْ الصَّاعِ الْوَاجِبِ (الْقُوتُ الْمُعَشَّرُ) أَيْ الْوَاجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ وَمَرَّ بَيَانُهُ (وَكَذَا الْأَقِطُ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ عَلَى الْأَشْهَرِ وَيَجُوزُ سُكُونُ الْقَافِ مَعَ تَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ لَبَنٌ يُجَفَّفُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يُنْزَعْ زُبْدُهُ وَلَمْ يُفْسِدُ الْمِلْحُ جَوْهَرَهُ وَلَا يَضُرُّ ظُهُورُهُ نَعَمْ لَا يَحْسِبُ فَيُخْرِجُ قَدْرًا يَكُونُ مَحْضَ الْأَقِطِ مِنْهُ صَاعًا وَيُعْتَبَرُ بِالْكَيْلِ وَيُجْزِئُ لَبَنٌ بِهِ زُبْدُهُ وَالصَّاعُ مِنْهُ يُعْتَبَرُ بِمَا يَجِيءُ مِنْهُ صَاعُ أَقِطٍ عَلَى مَا قَالَهُ الْخُرَاسَانِيُّونَ؛ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ وَجُبْنٌ بِشَرْطَيْ الْأَقِطِ وَيُعْتَبَرُ بِالْوَزْنِ وَفَارَقَ الْأَقِطُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُكَالَ وَيُعَدُّ الْكَيْلُ فِيهِ ضَابِطًا بِخِلَافِ الْجُبْنِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ بَيْنَ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَالْحَاضِرَةِ إذَا كَانَتْ لَهُمْ قُوتًا لَا لَحْمٌ وَمَصْلٌ وَمَخِيضٌ وَسَمْنٌ وَإِنْ كَانَتْ قُوتَ الْبَلَدِ لِانْتِفَاءِ الِاقْتِيَاتِ بِهَا عَادَةً.(وَيَجِبُ مِنْ) غَالِبِ (قُوتِ بَلَدِهِ) يَعْنِي مَحَلَّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ فِي غَالِبِ السَّنَةِ؛ لِأَنَّ نُفُوسَ الْمُسْتَحَقِّينَ إنَّمَا تَتَشَوَّفُ لِذَلِكَ وَأَوْ فِي خَبَرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَيْ بُرٍّ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ لِبَيَانِ بَعْضِ الْأَنْوَاعِ الَّتِي يُخْرِجُ مِنْهَا وَلَا نَظَرَ لِوَقْتِ الْوُجُوبِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَاعْتِبَارِ آخِرِ الْحَوْلِ فِي التِّجَارَةِ بِأَنَّ الْقِيَمَ مُضْطَرِبَةٌ غَالِبًا أَكْثَرُ مِنْ الْقُوتِ فَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَالِبٌ يَضْبِطُهَا فَاعْتُبِرَتْ وَقْتَ الْوُجُوبِ لِتَعَذُّرِ اعْتِبَارِ مَا قَبْلَهُ بِخِلَافِهِ هُنَا وَوَقْتِ الشِّرَاءِ فِي بَلَدٍ بِهَا غَالِبٌ بِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى مَا يَتَبَادَرُ لِفَهْمِ الْعَاقِدِينَ لَا غَيْرُ وَهُوَ إنَّمَا يَتَبَادَرُ لِذَلِكَ وَمَنْ لَا قُوتَ لَهُمْ مُجْزِئٌ يُخْرِجُونَ مِنْ قُوتِ أَقْرَبِ مَحَلٍّ إلَيْهِمْ.فَإِنْ اسْتَوَى مَحَلَّانِ وَاخْتَلَفَا وَاجِبًا خُيِّرَ وَلَوْ كَانَ الْغَالِبُ مُخْتَلِطًا كَبُرٍّ بِشَعِيرٍ اعْتَبَرَ أَكْثَرَهُمَا وَإِلَّا تَخَيَّرَ وَلَا يُخْرِجُ مِنْ الْمُخْتَلِطِ إلَّا إنْ كَانَ فِيهِ قَدْرُ الصَّاعِ مِنْ الْوَاجِبِ (وَقِيلَ) مِنْ غَالِبِ (قُوتِهِ) كَمَا يُعْتَبَرُ نَوْعُ مَالِهِ فِي زَكَاةِ الْمَالِ وَيَرُدُّهُ مَا مَرَّ فِي تَعْلِيلِ الْأَوَّلِ الْفَارِقِ بَيْنَهُمَا (وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ) جَمِيعِ (الْأَقْوَاتِ) وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ (وَيُجْزِئُ) عَلَى الْأَوَّلَيْنِ (الْأَعْلَى) الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ (عَنْ الْأَدْنَى) الَّذِي هُوَ غَالِبُ قُوتِ مَحَلِّهِ وَفَارَقَ عَدَمَ إجْزَاءِ الذَّهَبِ عَنْ الْفِضَّةِ بِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ ثَمَّ بِالْعَيْنِ فَتَعَيَّنَتْ الْمُوَاسَاةُ مِنْهَا وَالْفِطْرَةُ طُهْرَةٌ لِلْبَدَنِ فَنُظِرَ لِمَا بِهِ غِذَاؤُهُ وَقِوَامُهُ وَالْأَقْوَاتُ مُتَسَاوِيَةٌ فِي هَذَا الْغَرَضِ وَتَعْيِينُ بَعْضِهَا إنَّمَا هُوَ رِفْقٌ فَإِذَا عَدَلَ إلَى الْأَعْلَى كَانَ أَوْلَى فِي غَرَضِ هَذِهِ الزَّكَاةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ إخْرَاجَ الْأَعْلَى فَأَبَى الْمُسْتَحِقُّ إلَّا قَبُولَ الْوَاجِبِ أُجِيبَ الْمَالِكُ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي إجَابَةُ الْمُسْتَحِقِّ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْأَعْلَى إنَّمَا أَجْزَأَ رِفْقًا بِهِ فَإِذَا أَبَى إلَّا الْوَاجِبَ لَهُ فَيَنْبَغِي إجَابَتُهُ كَمَا لَوْ أَبَى الدَّائِنُ غَيْرَ جِنْسِ دَيْنِهِ وَلَوْ أَعْلَى وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ.(وَلَا عَكْسَ) أَيْ لَا يُجْزِئُ الْأَدْنَى الَّذِي لَيْسَ غَالِبَ قُوتِ مَحَلِّهِ عَنْ الْأَعْلَى الَّذِي هُوَ قُوتُ مَحَلِّهِ (وَالِاعْتِبَارُ) فِي كَوْنِ شَيْءٍ مِنْهَا أَعْلَى أَوْ أَدْنَى (بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ فِي وَجْهٍ)؛ لِأَنَّ الْأَزْيَدَ قِيمَةً أَرْفَقُ بِهِمْ (وَبِزِيَادَةِ الِاقْتِيَاتِ فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّهُ الْأَلْيَقُ بِالْغَرَضِ مِنْ هَذِهِ الزَّكَاةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ.الشَّرْحُ:(قَوْلُهُ وَحِكْمَتُهُ أَنَّ نَحْوَ الْفَقِيرِ لَا يَجِدُ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ هَذِهِ الْحِكْمَةُ لَا تَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مِنْ وُجُوبِ صَرْفِ الصَّاعِ لِلثَّمَانِيَةِ الْأَصْنَافِ وَلَا تَأْتِي فِي صَاعِ الْأَقِطِ وَالْجُبْنِ وَاللَّبَنِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُجَابَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لَمَّا كَانَ شَأْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّدْرِ الْأَوَّلِ مِنْ جَمْعِ الزَّكَوَاتِ وَتَفْرِقَتِهَا وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ وَإِنْ جَمَعَهَا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ لِكُلِّ فَقِيرٍ صَاعًا وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِغَالِبِ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْحَبُّ فَلْيُتَأَمَّلْ.(قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ وَارِدٌ فِي صَاعِ الْمَاءِ) مَا هُوَ.(قَوْلُهُ وَيُجْزِئُ لَبَنٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَوْ مِنْ نَحْوِ أَرْنَبٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَالتَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ كَالْأَقِطِ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ. اهـ.(قَوْلُهُ وَيُجْزِئُ لَبَنٌ بِهِ زُبْدُهُ) شَامِلٌ لِلَبَنِ نَحْوِ الْآدَمِيِّ وَالْأَرْنَبِ وَقَدْ يُخَرَّجُ عَلَى دُخُولِ الصُّورَةِ النَّادِرَةِ فِي الْعُمُومِ وَفِيهِ خِلَافٌ فِي الْأُصُولِ وَالْأَصَحُّ مِنْهُ الدُّخُولُ.(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْغَالِبُ مُخْتَلِطًا كَبُرٍّ بِشَعِيرٍ اُعْتُبِرَ أَكْثَرُهُمَا إلَخْ) وَعُلِمَ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ تَبْعِيضِ الصَّاعِ الْمُخْرَجِ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا يَقْتَاتُونَ بُرًّا مَخْلُوطًا بِشَعِيرٍ أَوْ نَحْوِهِ تَخَيَّرَ إنْ كَانَ الْخَلِيطَانِ عَلَى السَّوَاءِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ وَجَبَ مِنْهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ فَلَوْ لَمْ يَجِدْ سِوَى نِصْفٍ مِنْ هَذَا وَنِصْفٍ مِنْ هَذَا الْآخَرِ فَوَجْهَانِ أَقْرَبُهُمَا أَنَّهُ يُخْرِجُ النِّصْفَ الْوَاجِبَ وَلَا يُجْزِئُ الْآخَرُ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ تَبْعِيضِ الصَّاعِ مِنْ جِنْسَيْنِ شَرْحُ م ر وَهَلْ الْمُرَادُ بِالنِّصْفِ الْوَاجِبِ فِيمَا إذَا اسْتَوَى الْخَلِيطَانِ أَحَدُ النِّصْفَيْنِ الْمَوْجُودَيْنِ.(قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ اسْتَوَيَا.(قَوْلُهُ فَتَعَيَّنَتْ الْمُوَاسَاةُ مِنْهَا) قَدْ يُقَالُ تَعَلُّقُهَا بِالْعَيْنِ مَعَ كَوْنِ الْمَقْصُودِ دَفْعَ حَاجَةِ الْمُسْتَحِقِّ لَا يَقْتَضِي التَّعَيُّنَ وَمُنِعَ إلَّا عَلَى الْأَدْفَعِ لِحَاجَتِهِ.(قَوْلُهُ فَإِذَا عَدَلَ إلَى الْأَعْلَى) إنْ أُرِيدَ الْأَعْلَى فِي هَذَا الْغَرَضِ نَافَى قَوْلَهُ مُتَسَاوِيَةٌ أَوْ فِي غَرَضٍ آخَرَ لَمْ يَكُنْ أَوْلَى إلَّا أَنْ يَخْتَارَ الْأَوَّلَ وَيُرِيدَ التَّسَاوِي فِي أَصْلِ هَذَا الْغَرَضِ.قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهِيَ صَاعٌ):
|